- سأل أخ شيخاً وقال له:
أرجوك يا أبت أخبرني: ما الغاية من تجسد الرب؟
أجابه الشيخ وقال له:
عجبي يا أخي أنك تسألني عن ذلك طالما أنك تتلو دستور الإيمان كل يوم
إلا أني سأخبرك:
كان تجسد الرب من أجل خلاصنا
فقال الأخ: وكيف ذلك يا أبت؟
أجابه الشيخ: في البدء خلق الله الإنسان، وأقامه في الفردوس: ” فأوصى الرب الإله آدم قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً. وأما شجرة معرفة الخير والشر، فلا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها، موتاً تموت” ( تكوين 15:2-17). إلا أن الإنسان عصى وصية الله وهكذا، صار ( الإنسان) عرضةً للفساد والموت.
ورغم العناية الإلهية التي كانت ترعى الإنسان، من جيلٍ إلى جيل، فقد استمر الإنسان يتقدم نحو الأسوأ منقاداً من الأهواء الجسدية الكثيرة، إلى اليأس من الحياة.
لهذا السبب، فإن ابن الله الوحيد، كلمة الآب ومصدر الحياة والخلود، قدم إلينا نحن الجالسين في الظلمة وظلال الموت: ” الشعب السالك في الظلمة أبصر نوراً عظيماً. الجالسون في أرض ظلال الموت، أشرق عليهم نور” (اشعيا 9:2)، (متى 4:16)، وأخذ جسداً من الروح القدس، ومن البتول القديسة مريم، وأرانا طريقاً إلهية للحياة.
ثم أعطانا الوصايا المقدسة، ووعد بالملكوت السماوي اولئك الذين يحيون بمقتضى الوصايا. أما الذين يعصونها، فتوعدهم بالجحيم الأبدي.
ثم احتمل بعد ذلك الآلام الخلاصية، وقام من بين الأموات، واهباً إيانا رجاء القيامة والحياة الأبدية. وبطاعته أعتقنا من لعنة الخطيئة. أما بموته، فإنه داس قوة الموت (عبرانيين 14:2)
و ” بما أن الموت بإنسان، فبإنسان أيضاً قيامة الأموات. فكما في آدم يموت الجميع، كذلك، في المسيح سيحيا الجميع” (1 كور 15: 21-23)
ثم صعد إلى السموات، وجلس عن يمين الآب. وأرسل الروح القدس كعربون لنا مع الحياة الجديدة، وذلك كي ينير ويقدس نفوسنا، ويعين الذين يجاهدون، كي يحفظوا الوصايا، من أجل خلاصهم. هذا هو باختصار الهدف الذي من أجله تجسد الرب.
2. فقال الأخ: أود يا أبت أن أسمع منك عن الوصايا: ما هي الوصايا التي ينبغي أن أحفظها كي أخلص؟
أجابه الشيخ: الرب نفسه بعد قيامته، قال للرسل: ” اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم معمّدين إياهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلّموهم أن يحفظوا كل ما أوصيتكم به، وهاءنذا معكم طول الأيام إلى منتهى الدهور” (متى 2:28).
هكذا يتوجب على كل من اعتمد باسم الآب والابن والروح القدس المحيي والمؤله، أن يحفظ كل ما أوصى به الرب.
ولهذا السبب جعل الرب حفظ الوصايا مرادفاً للإيمان الصحيح. لقد عرف السيد أن الإيمان بدون الوصايا، أو الوصايا بدون الإيمان، عاجزة عن منح الخلاص للإنسان. ولما كان داوود ذا إيمان صحيح، قال: ” لأجل هذا حسبت كل وصاياك، في كل شيء، مستقيمة” ( مزمور 128:119). لقد قوّمتنا وصايا الرب بإزاء سبيل الشر. وإن اتفقت أن حذفت إحدى هذه الوصايا، فهذا من شأنه أن يؤدي إلى سبل الاثم المعوجّة.
3. ثم قال الأخ: ومن يا أبت يستطيع أن يحفظ كل الوصايا؟ إنها كثيرة….. يتبع